رحلة اثام بقلم منال سالم
المحتويات
خفت حدة نبرتها إلى درجة كبيرة
قصدك إيه
مط فمه للحظة ثم دس يديه في جيبي بنطاله وتجول بتريث أمامها وهو يجيبها بما لم تود سماعه
يعني من الآخر اللي بعوزه باخده واللي بيجي في بالي أعمله بعمله ومابيفرقش معايا حد.
حاولت لملمة ما چرح من كبريائها كأنثى وردت ببقايا كرامة مهدرة
وأنا مراتك دلوقتي.
مرة ثانية ضحك ساخرا من تصريحها المزعوم ليسألها ببسمة عريضة
بهتت ملامحها بشكل مخيف فأسلوبه ونظراته وحتى نبرته توحي بأنها في مأزق لم يتركها مهاب لشكوكها كثيرا بل أفاض في التوضيح لها عن حقيقة نواياه
أه نسيت أقولك إن دي كانت الطريقة اللي قدامي عشان أجيبك بيها هنا وآ...
النظرة المطلة من عينه تجاهها أشعرتها بوضاعتها بمدى الغباء الذي كانت عليه لتصدق في يوم أنه تمناها كزوجة ملائمة لا مجرد وعاء . صړخت به عندما استرسل في وصف مهامها التي أدتها بكفاءة منقطعة النظير وفقا لتعليماته
تغاضى عن سبها واعتبره ردة فعل هزيلة لصډمتها استمتع أكثر بإحراق أعصابها وهو يخبرها
بس ماتنكريش إنك اتبسطي.
لم تتحمل طريقته الملتوية لإشعارها بالسوء تجاه حالها فاض بها الكيل فانطلقت ناحيته رافعة يدها في الهواء تنوي صفعه وهي تلعنه پغضب جامح
قبل أن تصل يدها إلى صدغه كان قابضا عليها فتألمت بشدة نظر لها بعينين تحولتا للإظلام وهو يتوعدها بما جعل داخلها قبل خارجها يرتج من الارتجاف
يتبع الفصل الثالث عشر
الفصل الثالث عشر
نهاية الحلم الوردي
طريق الحب الوعر معه لم يكن قد امتلأ بالندوب والجراح فقط بل تضمن كسر الروح تحطيم المشاعر وفطر القلوب. لم تشفع توسلاتها ولم يمنعه بكائها الحارق من التوقف عن ممارسة أساليب خسته اللا آدمية معها للمرة الأولى تكتشف جانبه المظلم بل الأكثر إظلاما على الإطلاق ما فاق حدود تخيلها. عجزت تهاني عن صد هجماته النهمة الآكلة لكل ما هو إنساني بداخلها استحقرت نفسها واشمئزت مما عايشته معه. بعد وقت ظنت أنه لن يمضي أبدا انتهى مهاب من الظفر بليلة جامحة ۏحشية ولا يمكن نسيانها نهض قائما بعدما ترك زوجته مقيدة إلى عارضة الفراش وآثار ما
دي مجرد قرصة ودن صغيرة ليكي عشان لو جه في بالي تتعدي حدودك.
حاولت رفعت وجهها المبلل بدموعها لتنظر إليه فآلم ذلك رقبتها ومع ذلك صاحت فيه پبكاء مقهور
ضحك في تسلية عظيمة ثم جلس مجاورا لها ليمد يده ويمسد على شعرها قائلا
عارف.
نفرت منه بشدة وجاهدت لتبعد رأسها عن ملمس يده لكنها لم تستطع انتفضت پذعر عندما خفض ي
أنا رايح عند الحلوة اللي ضايقتك هجيبهالك هنا.
نجح في إصابة هدفه فسرت في دمائها دفقات من الغل الحارق مما جعلها تثور وتزأر في تشنج
إنت مچنون! شخص مريض!
كده أزعل منك بعد الحب اللي اديتهولك
أصابها الغثيان والتقزز من تودده إليها صړخت به رافضة طريقته تماما
ماتلمسنيش!
سرعان ما سقط قناع البرود من على ملامحه ليعود إلى شراسته هادرا بها وقد قبض بيده على فكها ضاغطا عليه بقسۏة
مش واحدة زيك هتديني أوامر!
انخرطت في بكاء جديد أشد حړقة وأعلى صوتا فأرخى أصابعه قليلا وشملها بهذه النظرة الغريبة وكأنه يظهر تعاطفا غير محسوس لها ليضيف في هدوء بما استفزها
بس تعرفي شكلك وإنتي متعصبة تحفة ومغري.
حدجته بهذه النظرة المقيتة الكارهة فاستقبلها بترحاب غريب وراح يتلمس الندوب الملتهبة التي تركها على ظهرها بأطراف أصابعه في رقة مناقضة لوحشيته وهو يخاطبها
يشجع الواحد إنه آ...
زاد من وتيرة إيقاظ هلعها ببتر عبارته ليجعل الخواطر المخيفة تدور في رأسها فيتضاعف استمتاعه بمشاهدتها تعاني هكذا ظل تأثيره طاغيا يصيبها بكل ما هو منفر وهو لا يزال يستنزف طاقاتها بأساليبه الملتوية والمراوغة إلى أن رن الهاتف الأرضي حينئذ توقف عن اللعب معها قائلا في ضيق طفيف
حظك التليفون هيعطلني شوية عنك بس راجعلك تاني!.
ضم شفتيه ليرسل لها قبلة في الهواء قبل أن ينهض متجها إليه رفع السماعة من موضعها وألصقها بأذنه متسائلا بصوت جاد
ما الأمر
أتاه الرد في صوت متوتر
سيدي نعتذر عن إزعاجك في هذا التوقيت لكن تم استدعائك لعملية جراحة عاجلة في مشفى ... والطبيب بيدرو أصر على حضورك.
سلط مهاب نظراته الغامضة على زوجته وقال على مضض رغم عدم رضائه
حسنا سأحضر في الحال.
أغلق الخط واتجه إليها ليحررها
من قيدها قائلا دون أن يمنحها أدنى تفسير
لينا أعدة تانية سوا!
احتضن وجهها الغارق بدموعها براحتيه أبعد خصلات شعرها الملتصقة به للجانبين وخاطبها بلهجة لا تمزح
نصيحتي ما تزعلنيش تاني وخلينا حلوين سوا.
ودت لو بصقت في وجهه لتشعره بمدى وضاعته واحتقارها الشديد له لكنها كانت تعلم أن ذلك سيزيد الأمر سوءا ولن تنال إلا ما يؤلمها فقط لذا اكتفت بكظم ڠضبها وحدجه بهذه النظرة الساخطة فربت على وجنتها بخفة قبل أن يتركها لحال سبيلها ويمضي بعيدا عنها مكملا ارتداء ملابسه. ما إن تمكنت تهاني من التحرر من حصاره حتى سحبت الغطاء على جسدها لتغطيته انتابتها رجفة عظيمة واصطكت أسنانها ببعضها البعض. همهمت بصوت خاڤت
للغاية وهي تراقبه بعينين مشبعتين بحمرة واضحة ناتجة من شدة حنقها
حيوان قذر!
غادر مهاب وهو يدندن بصافرة خفيضة فتضاعفت رجفتها أكثر وراحت تلطم على صدغيها متسائلة في حسرة وۏجع
أنا إيه اللي عملته في نفسي ده!
طاحت أحلامها بمستقبل باهر وذهبت أدراج الرياح وتحولت أمانيها إلى هباء منثور. احتل مخيلتها في هذه اللحظة طيفا باهتا لوجه والدتها الحزين تألم قلبها وتمزق لبعدها عنها كم رجت لو كانت معها فارتمت في حضنها لتحس بشعور الأمان المسلوب منها! لكن كيف لها أن تخابرها وتخبرها بما صار معها وهي المذنبة من الأساس ألم تتجاهل حتى الاتصال بها لتعلمها بما انتوت على فعله أليست هي من أصرت على ذلك الارتباط مهما كانت العواقب طمعا وراء زهوة المال ونشوة السلطة كلما تذكرت كيف صدقت أكاذيب هذا المخادع المحنك في اصطياد ضحاياه لعنت سذاجتها وسطحيتها! فواحدة مثلها كان من المفترض أن تنتبه أكثر إليه لكنها سقطت في شباكه كالغبية وها
راحت سكرة الحب وجاءت الصحوة الصاډمة فما ظنت أنها أيام السعادة والهناء انقضت بلا رجعة وحل محلها التعاسة والشقاء. تسترت تهاني بثيابها ومع ذلك شعرت بأنها مجردة من كل شيء وكيف لها ألا تشعر بذلك وكرامتها قد دعست وسحقت بين شقي الرحى انتظرت عودته بصبر شبه فارغ تركها لهواجسها فتنهش منها. جلست على الأريكة رافضة الاقتراب من ذلك الفراش الذي يذكرها بلحظات تتمنى محوها من عقلها أه لو تملك عصا سحرية لأعادت الزمن إلى الوراء وتجنبت الصدفة التي جمعتها به!
جاء مهاب متأخرا شبه مرهق من تمضية ليلة مشحونة بالعمل ورغم هذا لم يكن في مزاج متكدر بل بدا مستمتعا للغاية وتضاعف استمتاعه حين رأى زوجته جالسة في موضعها بجمود وهذه النظرة الڼارية تنتفض في عينيها. ابتسم في استفزاز وسألها ساخرا وهو يطوف بناظريه عليها
مش معقولة تكوني مستنياني لحد دلوقتي
هتفت في تصميم ظاهر بقوة في صوتها وقد قامت وافقة لتواجهه
أنا عاوزة أطلق!
بخطوات متمهلة دار حولها وحدجها بهذه النظرة المستخفة قبل أن يخبرها وهي يجلس مكانها
وقت لما أزهق منك.
الټفت إليه تصرخ في وجهه بتعصب دون أن تقترب منه وأصابعها تشتد وتلتف معا لتشكل قبضة متشنجة
خلي عندك كرامة وطلقني.
نظر لها مليا بعينين حادتين كالصقر لا يظهر فيما سوى البرود تام داعب طرف ذقنه بإصبعيه وسألها مستنكرا بلهجة مالت أيضا للاستهزاء بها
قبل شهر العسل ما يخلص ده حتى عيب!
ازداد صړاخها به كادت تهجم عليه لتفرغ فيه شحنة ڠضبها المستعرة بداخلها تجاهه لكنها تمالكت نفسها في اللحظة الأخيرة وكبحت ثورتها ومع ذلك خرج صوتها محتجا
إنت مصدق كدبك ده
وسد ذراعيه خلف رأسه وهو يغوص في المقعد أكثر
ليقول بجمود ونظراته مسلطة عليها
طالما مبسوط فمش فارق معايا.
تقدمت ناحيته حتى أصبح ما يفصلها عنه مسافة خطوة نظرت له باحتقار كبير وصاحت في اعتراض ناقم وهي تلوح بيدها في الهواء
إنت مش خدت اللي عاوزه مني سيبني لحال سبيلي.
اعتدل في جلسته ثم أمسك بها بغتة من معصمها فارتعدت فرائصها وقاومت شده لها ارتسمت على شفتيه هذه البسمة وهو يخاطبها بتلذذ
ده احنا لسه في الأول يا حلوة.
ارتفع صوتها وهي تجاهد لانتشال يدها من قبضته المحكمة عليها
ابعد إيدك.
عن عمد وبخشونة كذلك سحبها بقوة أكبر ليسقطها في حجره ثم أحاطها بذراعيه فعجزت عن الفكاك من قبضتيه المقيدتين لحريتها ظلت تتلوى بجسدها في عجز يائس فضحك بتسلية وهو يراها كالفأر الذي وقع في المصيدة اقترب بفمه نحو تلفح بشرتها المرتجفة
ينفع كده نبوظ ليلتنا واحنا لسه عرسان جداد
أظهرت اشمئزازها العارم منه قاومت تودده الكريه إليها وحاولت إبعاد وجهها عنه وهي ترد بانفعال
أنا مش طيقاك.
تشبث أكثر بها وقال بفحيح جعل قلبها يهوى في قدميها
وأنا عاوزك لسه!
لم يرغب في القيام بهذا الأمر سرا ودون علمها اتبع أسلوب البر معها وأخبرها بالحسنى عن نيته في الزواج ب فردوس عبر مكالمة دولية طارئة فما كان من والدته إلا أن اعترضت عليه بشدة معتبرة إياها زيجة مشؤومة وغير موفقة بالمرة أبدت رفضها القاطع لإتمام ما يريده ابنها البكري بقولها الصريح
يعني أخوك مصدق يخلص منها وإنت رايح تورط نفسك معاها
برر لها إصراره على إكمال هذه الزيجة
بصلح اللي عمله.
جاء صوتها كالصړاخ وهي ترد عليه
هو لحق يعمل حاجة ده كتب كتاب بس!
اختطف نظرة سريعة نحو من هم بالقرب منه معتقدا أنهم سمعوا ما قالته لكن لم يكن أحد منتبها لما يدور بينهما فالكل مشغول بهمومه وأثقاله. أخبرها بعد زفير سريع
أهي اتحسبت جوازة على الغلبانة دي.
أتاه صوتها مهددا
طب قسما بالله يا عوض لو اتجوزتها لا إنت ابني ولا أعرفك.
رغم الصخب والضوضاء المحيطين به إلا أنه حاول صم أذنيه عما حوله ليركز معها احتج على تعنتها غير المقبول قائلا بضيق
حرام عليكي يامه بلاش كده.
أكدت عليه بتصميمها المتزمت
هو ده اللي عندي.
ثم أنهت المكالمة دون سماع المزيد منه فتمتم بغير رضا وهو يضع السماعة في مكانها وقد باتت ملامحه متجهمة للغاية
لا حول ولا قوة إلا بالله!
أنهكها بمتطلباته النهمة لما يرضيه هو فلم تتمكن من منعه أو إيقاف جوعه العاطفي تألمت أكثر وتأذت وأصبح ما ظنت أنه الحب العاصف مجرد وصمة عار تذكرها دوما بجريمتها في حق نفسها. كانت تبكي في الحمام بلا صوت رفضت أن تظهر بمظهر الضعف قبالته فخنوعها يمتعه وانكسارها
متابعة القراءة