روايه زهره لكن داميه _بقلم سلمي محمد

موقع أيام نيوز

...رأته من على بعد عدة أمتار يحمل كلا الصغيرين في ه ...والابتسامة تضيء وجوه أطفالها...لمعت عينيها بالدموع وهي تشاهد فرحتهم الغامرة ...مسحت بسرعة دمعة فرت هاربه من عينيها عندما أقتربا من باب السيارة...بمجرد دخول الصغيرين الى داخل السيارة ...أخذ يقفزان بمرح فوق الكراسي...
هتف أياد بمرح طفولي _ عمو هياخدنا نعيش معاه يأبلة زهرة 
قال أكنان بهدوء_ من يوم ورايح هتقولي يابابا ومفيش عمو تاني...وأبلة زهرة هتقولها ياماما ...ووزع نظراته على كلا الطفلين ...سمعتوني كويس ...أحنا هنبقا ماما وبابا وبس
تقبل ووليد الكلام ببرائة دون تعقيد ...هذه الكلمة لا تعني لهم الكثير سوى مجرد كلمة...
هتف وليد وأياد في نفس واحد_ بابا أكنان وماما زهرة ...ثم القو أنفسهم في حضڼ زهرة بسعادة...
أياد بمرح طفولي_ أنا مبسوط أنك ماما 
وليد بابتسامة واسعة _ وأنا كمان عشان بحبك ...ماما ..وأخذ يكرر كلمة ماما ...ماما...أنا بحب أقول ماما...ماما 
رقرقرت الدموع في عينيها ثم اردفت بصوت مخټنق من التأثر _ وأنا كمان بحب كلمة ماما وكان نفسي أسمعها من زمان...ضمتهم بالقرب من صدرها...ضمة والدة غاب ولدها ثم عاد لها بعد غيبة طويلة...ضمت الصغيرين بالقرب من بعض...وأنسابت دموعها الحارة على وجنتيها دون توقف...دفنت رأسها بينهم وانخرطت في البكاء...شعرو بالفزع من بكائها...
نزع وليد نفسه مبتعد شاعرا بالخۏف ...أما أياد ظل في ها وأخذ يبكي هو الأخر...
قال بتأثر_ أهدي يازهرة ...الولاد أتفزعو
منك
قالت من بين شهقات بكائها _ بلاش عياط ياأياد ...أنا بعيط عشان فرحانة ...ومسحت دموعها وأبتسمت لهم _ أخر مره هتشوفوني بعيط ...أنا دلوقتي فرحانة أوي
توقف بكاء أياد ونظر له بعيون متسعة وقال _ وأنا كمان ...عشان بحبك أوي
وهتف وليد هو الأخر_ وأنا كمان بحبك
شعرت في هذه اللحظة أنها تطفو فوق غيمة من السعادة ....بسبب نطقهم كلمة ماما...رأى عينيها تلمع ببريق لامع...
قال برقة _ في حد عايزه توديعه...
سألته زهرة_ تقصد أيه بكلامك
_ زهرة اللي شايفه دلوقتي قصادي خلاص مش هيبقا ليها وجود...زهرة اللي تحت القناع هي اللي هتظهر للكل بأسم مراتي أم ولادي...كنا متجوزين زمان وسبنا بعض وبعدين رجعنا لبعض...وده هيكون بس الكلام اللي هقوله للكل...أتقابلنا أزاي وليه أنفصلنا ...ردنا هيكون دي خصوصيات والماضي شيء وأنتهى....
كانت تكفيها نظرة واحدة لطفليها وهي ترى سعادتهم الا نهائية...فتناست كرهها له وقالت باستسلام_ اللي تقول عليه هنفذه...بس قبل أي شيء وديني شقتي الاول ...أسلم على ضحى وأهلها...ضحى صحبتي وأكتر من أختي ساعدتني كتير ووقفت معايا وهي خلتني أسكن في البيت عندهم هي الوحيدة اللي عارفة سري وحفظت عليه...طب أهلها أقولهم أيه
_ قوليلهم اللي شايفه صح وهيريحك...
توقف بالسيارة أسفل منزلها ...ثم قال _ أنا هستناكي هنا بالولاد ...ومتاخديش أي حاجة من شقتك ...أنا هكلف ناس يفضوها ليكي وبعدين تبقي تختاري اللي عايزه تخليه معاكي...
خرجت من السيارة بسرعة حتى لا ترجع في قرارها وصعدت السلالم ووقفت أمام شقة ضحى للحظات وهي تتنفس بحدة ثم طرقت على الباب..
زهرة بابتسامة شاحبة _ ضحى جو 
ردت أمينة بابتسامة_ هتلاقيها في أوضته 
_ ممكن أدخلها
_ أدخلي يابنتي من غير أستئذان ده البيت بيتك 
_ تسلميلي ياطنط ...
طرقت زهرة على باب غرفة ضحى ...ثم دلفت مباشرة 
ضحى بفضول_ يادي النور...مش عوايدك أنتي اللي تطلعي ليا ...خير ياست زهرة
زهرة بارتباك لا تعلم من أين تبدأ الحوار_ من الأخر كده أن أتجوزت ...
أنتفضت ضحى في مكانها ...قالت مرددة بذهول _ أتجوزتي..أتجوزتي ...دا اللي هو أزاي وأمتى...
زهرة بصوت مخڼوق متقطع _ النهاردة وبالاصح من ساعة تقريبا...
هزت رأسها پصدمة _ أنتي بتتكلمي جد ...قولي اللي أنتي بتهزري...أنتي بتهزري صح 
ردت نافية _ لا مش بهزر ...أنا أتجوزت النهاردة ...أتجوزت أكنان أبو ولادي
جذبت ضحى ذراع زهرة وأجلستها فوق الفراش وجلست بجواره ...ونظرت لها بفضول _ أحكيلي كل اللي حصل بالظبط فاهمة يازهرة...
بدأت زهرة في سرد ماحدث وظلت ضحى تستمع فقط دون التعليق على كلامها بأي كلمة....
وعندما أنتهت تنهدت ونظرت الى ضحى قائلة _ وبعد رفضي فجأة لقيت نفسي متجوزها...أتجوزته رغم كرهي له...مش عارفة أزاي...همست بشرود ...أنا عارفة ليه أتجوزته ...عشان ولادي ...أول ماقال هياخدهم وهيكتبهم بأسم واحدة تانية...فقدت كل قوتي...وأول ماأخدهم من الملجأ وقالو ليا ياماما...كان قلبي هيطلع من مكانها ...حسيت بقلبي هيقف من الفرحة...سالت دموعها على وجنتيها دون أن تشعر...لما سمعت كلمة ماما نسيت كل حاجة ...كل حزن وألم عيشته ...
ضمتها ضحى وربتت على رأسها بخفة...وقالت بنبرة رقيقة _ أنتي نصحتيني كتير يازهرة ...وأنا شايفة نفسي
في وضع لزم أنصحك فيه...طبعا مفيش عذر لغلطته معاكي دي چريمة.... أنا بكرهه أكتر منك بسبب اللي عمله معاكي...لكن بصراحة في غيرك وفي نفس وضعك هما اللي بيحاولو يثبتو نسب ولادهم للأب...أما هو العكس هو اللي عايز ثيبت ولاده ليه...وأنا شايفه دي حاجة كويسة فيه... هو بجوازه منك بيقدملك فرصة العمر...ولادك هيبقا ليهم أب وأم وهيكبرو في ك ...خلاص يازهرة...أنسي الحاډثة ...أنسي الماضي...أنسي أنه جوزك...عيشي الحاضر مع ولادك وبس...
مسحت دموعها وتنهدت پألم _ وده اللي ناوية أعمله...هنسى عشان خاطرهم وهستحمل ...ماأنا ياما أستحملت....
سألت ضحى _ ناوية تعملي أيه دلوقتي 
ردت زهرة _ قولي هو اللي ناوي يعمل أيه 
_ وهو ناوي يعمل أيه 
_ مش عارفة لسه ...الصدمات منه عاملة زي المفاجأت...زي جوازي منه اللي حصل في غمضة عين ثم ضحكت پألم ...وبعدين ولادي اللي أخدهم من مدام ليلي بكل سهولة ومن غير أجراءات...وبيقولي أنسي زهرة دي وأرجعي لحقيقتك...
هتفت ضحى بموافقة _ أخيرااا يازهرة...هتشيلي تنكرك ده...
نظرت لها نظرة غريبة_ هو أنتي كل ركزت فيه أني هشيل وشي المزيف...
قالت ضحى بلهجة رقيقة_ هو أنتي مبسوطة بنفسك كده...
_أيوه مبسوطة وأتاقلمت علي شكل ده لحد ماتعودت عليه
_ أنا بقا مكنتش مبسوطة ليكي...وكنت بقول ده البديل الوحيد قصادك أنك تبقي مجهولة عشان تقدري تعيشي بين الناس من غير ماحد يتعرض ليكي أو يطمع فيكي ...عشان تقدري تاخدي بالك من أمك الله يرحمها...بس دلوقتي كل الاسباب دي أنتهت وتقدري تعيشي بشكلك الحقيقي من غير العڈاب اللي بتتعذبيه كل يوم لما تخرجي للناس...لازم البروكة واللينسز والفاونديشن اللي بتستعمليه اللي مداري على لون بشرتك...لو رجعتي لحقيقتك هترتاحي من كل التعقيد اللي بتعمليه في نفسك كل يوم...يازهرة أتكلي على الله وعيشي حياتك بقا كأن مفيش حاجة حصلت... وأذ كان عليه هو أعتبريه كأنه مش
موجود قصادك...ومسير الأيام هتدواي چرحك 
أنسي عشان تقدري تعيشي... 
هزت رأسها باستسلام لمصيرها المقدر والمكتوب_أن شاء الله ياضحى...وأهلك ياضحى هقولهم أيه لما أختفي فجأة من حياتهم وفرحك وهو مستنيني تحت مع الولاد في العربية...أول ماخطي برجلي جوا العربية هتكون دي نهاية زهرة اللي شايفها قصادك...
فكرت ضحى للحظات ثم قالت_ في موضوع كنت مخبياه عنك...وجاه وقته
سألت زهرة _ موضوع أيه اللي كنت مخبياه عني 
ضحى بهدوء_ بابا باع البيت ...وكنا هنعزل لشقة تانية...بس عشان جوازي اللي جاه بسرعة...أجلو العزال لبعد فرحي...
نظرت له زهرة پصدمة_ كنتو هتمشو من غير ماتقوليلي...
ردت بلهجة أسف_ كنت هقولك ...بس قولت بعدين ظروفك مكنتش تسمح لصدمة تانية...كنت والله هقولك...
_ من غير حلفان ياضحى مصدقه...
_ موضوع أهلي وأتحل هما مشغولين في جوازي...ومش هيلاحظو وجودك في البيت...وأنا هبقا أقولهم أي حاجة...ممكن أقولهم أنك طلعلك أهل من بعيد ورحتي تعيشي معاهم بعد مابقيتي وحيدة...وأنتي اللي عليكي تبقي تتصلي بيهم توديعهم وتقوليلهم الكلمتين دول...أما أنا أمري سهل...
_ أزاي بقا سهل...أنتي أكتر من أخت ليا وكان نفسي أبقا معاكي في كل حاجة...
_يااختي أنا مسامحة...كفاية عليا أنك حتحضري الفرح ولبسه فستان شيك وبشكلك الحقيقي ...مش شكلك ده اللي كان هيعرني في الفرح...أهو لقيت ميزة في أم الجوازة دي ...وضحكت 
وكزتها زهرة في صدرها پعنف وقالت_ أنا بردو شكلي عرة...
ردت بابستامة خفيفة _ أومال شكلك ده أيه...ده أنا بحمد ربنا أني هترحم منه أخيرا بعد سنوات من عڈاب التشوه البصري اللي جرالي بسببك...وفكي التكشيرة دي من على وشك....هااا فكي بدل ماالغي جوزاتي من كيمو العسل...كيوووت وراجل أوي وحنيين أوي
صاحت زهرة في وجهها _ فووووقي...وبالله عليكي أحلمي بيه في وقت تاني مش ناقصة فقعت مرارة أنا فيا اللي مكفيني....
ضحى بضحك _ ياااه عليكي يازهرة قطعتي أفكاري....
نهضت من مكانها _ أنا همشي بقا عشان أتأخرت عليهم ...وهسيبكم مع أحلامك 
قامت هي الأخرى وضمت زهرة وقالت لها بحب_ ربنا معاكي يازهرة ويقويكي على الأيام اللي جاية...
همست بدعاء_ يارب ياضحى ...أنا مش عارفة أحوالي هتكون أيه...
_ كل خير يازهرة...بقولك يازهرة لما تخرجي تبقي تمهدي لماما على موضوع أهلك اللي هتعيشي معاهم ....عشان لما أكلمها بعدين يكون عندهم خبر..
هزت رأسها في صمت ثم فتحت باب الغرفة ودلفت الى الخارج...نادى على أم ضحى...
خرجت أمينة من المطبخ وقالت _ نعم يازهرة كنتي عايزه حاجة 
ردت بابتسامة خفيفة _ أيوه ياطنط ...كنت عايزه أقولك هسيب الشقة..
أمينة بخضة _ ليه يابنتي في حد ضايقك ...
ردت نافية _ لأ مفيش حد ...بس طلعي قرايب من ناحية ماما الله يرحمها...لما عرفو بخبر مۏتها...صممو أسافر وأروح أعيش معاهم بورسعيد...
_وهتمشي أمتى 
_ معرفش أمتى بالظبط ...بس خلال يومين بالكتير...
_ طب وفرح ضحى ...
_ ڠصب عني ياطنط ...أنا ماصدقت حد من قرايبي يظهر ليا بدل مانا مقطوعة من شجرة ...الاهل عزوة...أنا قولت لضحى وهنكون علطول على أتصال مع بعض...
_ عندك حق يازهرة الاهل عزوة...
_ هتوحشوني أوي لما أسافر
أمينة ضمت زهرة وقالت بحنية _ وأنتي كمان يازهرة ...
أغلقت زهرة الباب خلفها...أغلقت صفحة كانت مؤلمة
في حياتها ...
أتجهت الى السيارة ...فتحت الباب وفتحت صفحة جديدة من حياتها بهوية جديدة...القت نفسها على الكرسي وبمجرد أغلاقها الباب...أشار أكنان في صمت للسائق بالأنطلاق...
وبعد فترة من القيادة توقفت السيارة ..أمام أحدى المولات ...
أكنان بهدوء _ يلا بينا ندخل المول
وليد وأياد في نفس واحد _ في لعب جوا
رد عليهم بابتسامة_ في جوا حاجات حلوة كتير...
نظرت الى سعادة أطفالها وأبتسمت لهم ...ثم تحركت مع أطفالها الي داخل المول ممسكة بأيديهم برقة ...ترك وليد وأياد يدها بمجرد دخولهم ...وأخذو يركضون هنا وهناك بمرح...
قالت بهمس _ أومال فين الناس 
رد بلهجة هادئة _ أنا فضيت المكان عشان لما نيجي تعرفو تاخدو راحتكم فيه...
زمت شفتيها بعبوس _ وسهلة أنك تفضي مول بالحجم ده في الوقت القصير ده ...
رد بلهجة هادئة_ سهلة عشان أنا صاحب المول...
هزت رأسها بضيق وتمتمت _ أه 
ترك الصغار برفقة أحد الحراس يلعبون...وأشار الى زهرة لكي تأتي معه...
وقفت مبهوتة أمام واجهة المحل.. قالت بتردد_ وقفنا هنا ليه
_ أختاري اللي أنتي عايزه ..
_ وأنا مش عايزه منك حاجة
_ وقت الكلام ده فات ...أحنا أتجوزنا وأنتي وافقتي هتغيري شكلك ده عشان لما تظهري
تم نسخ الرابط